عمر المصادي
الواقع أن المغرب عرف عبر تاريخه نموذجا حضاريا فريدا يزدهر فيه التنوع العرقي والثروة الثقافية، ويتجلى فيه التسامح والحوار بين الأديان، وبالقرب من تقاليده، تمكن المغرب من التطلع إلى المستقبل مع الحفاظ على تراثه وتعزيزه.
المغرب أرض الترحيب والانفتاح والتسامح، لقد تمكنت المملكة المغربية من الحفاظ على “ضيافتها المغربية” الأسطورية وصنعت سمعتها كمجتمع خير، متسامح، ومرحب ومنفتح على العالم.
وفي البحث عن التقدم، وذلك بهدف تلبية تطلعات مواطنيها من خلال ضمان تنمية مستدامة وشاملة، حيث تتاح للجميع الفرصة لتحرير طاقاتهم وإمكاناتهم لتحقيق ذواتهم، وفئة الشباب على وجه الخصوص، باعتبارها قوة حية في بناء مغرب، مزدهر، ،منفتح ومتضامن في الآن نفسه.
لقد شهد المغرب، وهو بلد تقليدي للهجرة، تغيرا جذريا في السنوات الأخيرة، حيث انتقل من أرض الهجرة أو العبور إلى أرض استقبال المهاجرين. ويظل هذا الموقف من الانفتاح والتسامح في انسجام تام مع التزامات المغرب الحازمة، ولا سيما على النحو الذي أكده دستور 2011، وإعادة توجيه السياسة الخارجية نحو أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي يطمح فيها المغرب إلى لعب دور اقليمي و قاري مهم، وذلك في إطار رابح – رابح.
وكذلك الترويج لـ “الإسلام الوسطي” المالكي المعتدل.
وفي طريقه إلى نهضته الإجتماعية والإقتصادية، يحتاج المغرب إلى كل واحد من أبنائه وإلى كل الموارد المتاحة.
وببساطة لم يعد المغرب قبلة وأرض الفرص في أعين المستثمرين الأجانب فقط، ولكنه أصبح أيضا كذلك في أعين المهاجرين من أصول جنوب الصحراء الكبرى. وفي الواقع، فإن أفريقيا مليئة بالموارد البشرية المؤهلة، مع رجال ونساء موهوبين، قادرين على الاندماج والمشاركة في تنمية المغرب وتأثيره.
وأصبحت الهجرة الآن جزءا من منطق التنمية المشتركة جنوب جنوب، والوصول إلى فرص العمل والموارد، مما يضع الهجرة في قلب الحوار الضروري بين الحضارات التي ينشدها المغرب ويحافظ عليها.
وبعد أن كرس المغرب العقود الماضية لتطوير البنيات التحتية والتجهيزات الأساسية على نطاق واسع، فإنه يستثمر في رأسماله البشري من خلال وضع الإنسان في قلب عمليات التنمية.
إن رأس المال البشري، وهو الأصل الوحيد القادر على احتواء أسرار الميزة التنافسية المستدامة للدولة، أصبح الاستثمار الأكثر أهمية على المدى الطويل الذي يتعين على أي دولة أن تقوم به لضمان الرخاء ونوعية الحياة لمواطنيها، والثروة الوطنية الحقيقية، ويشكل ساكنة المغرب نعمة ديمغرافية، وفاعلا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورافعة لخلق الثروة. وبالتالي فإن الفرد سيشكل مورد تروة المستقبل.
إن ظهور اقتصاد المعرفة وصعود نظريات رأس المال البشري يؤكدان دور الأفراد في تنمية الأمم. إن رأس المال البشري ليس سوى أحد المكونات الأساسية لرأس المال غير الملموس الذي يلتزم المغرب بتنميته. ويغطي الأخير جميع الأصول غير الملموسة التي يتمتع بها البلد. والفئات الثلاث الرئيسية لرأسمال غير الملموس الذي يتطور عليه المغرب هي على وجه التحديد رأسمال الصورة (الاستقرار، الأمن السمعة…)، ورأسمال العلائقي (العلاقات الدولية والتعاون)، ورأس المال البشري (الشباب، التشكيلية السكانية، والثقافة…).
وبالإضافة إلى ذلك، أحرز المغرب تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة في مجال الإدماج المدني والإجتماعي من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومكافحة الفوارق الترابية ومن خلال خطط التنمية الجهوية فضلا عن النموذج التنموي الجديد، وللامركزية والجهوية المتقدمة.
وإن الموارد البشرية المؤهلة تعتبر محركًا أساسيًا للتقدم، وللقيام بذلك، يقوم المغرب تحت القيادة الرشيدة لمبدع مسيرة التنمية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بإعداد شبابه لمواجهة التحديات المثيرة للإعجاب، وكذلك الفرص المذهلة التي تصاحب الثورة التكنولوجية. ولذلك فإن التعليم والتدريب المهني يشكلان أصولا ضرورية لتلبية الاحتياجات الاستراتيجية لمغرب الغد. وستسهم هذه الأصول في تعزيز نمو المملكة وتحويلها إلى حركة مستدامة للتقارب الاقتصادي وتحسين رفاهية بلد، له تاريخ وقيم قوية، يرسم طريقه نحو الحداثة ويمضي قدما بثقة، في عالم مفتوح ومعولم.
تعليقات
0