المغرب 7 – العرائش
في دورتها أل 38 ،ستحيي الطريقة الصوفية العلوية المغربية، يوم السبت 26 غشت 2023 م بعد صلاة العصر، موسمها واحتفالها السنوي بمولاي عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه، تحت شعار ” مَا أَفْلَحَ مَنْ أَفْلَحَ، إِلاَّ بِصُحْبَةِ مَنْ أَفْلَحَ “.
وفي بلاغ صادر لها بالمناسبة قالت فيه “من مِنَنَ الله الكبرى على عبده إذا أراد به خيرا أن يَهديه إلى طريقه المُستقيم طريق الوُصول، طريق الرسول، طريق أهل الصدق و الوفاء و كَشفِ الحُجُب و الصَّفاء ، طريق الفُحُول من أمته صلى الله عليه وسلم. عن سيدنا إبن عباس )ض( قال ” قيل يا رسول الله أي جلسائنا خير ؟ قال : من ذَكَّرَكُم بالله رُؤيَته و زَاد في عِلْمكم مَنْطِقَهُ و ذكَّرَكم بالآخِرَة عمَلُه” . إن أولياء الله إذا رُؤوا ذُكِر الله عز و جل و هم خِيارُ هذه الأمة. و من كّثْرة ذِكْرهم لله يُذَكِّرُون الناس بِربِّهم لما عَلَيْهم من سِيَم الصلاح و أنوار الذكر، نورهم يسعى بين أيديهم و بإيمانهم يَقْتَبِسُ مِنهم كُلُ بَرٍ تَقِي. قال شيخنا سيدي أحمد بن مصطفى العلوي رضي الله عنه:
ننصح له في الطريق…يجعلني فيها رفيق…نريه معنى التحقيق…خالصا لوجه الله
يُوافقني في أيّام…لا تطلُب منه أعوام…فإن حصَّل المرام…يكونُ عبداً للَه
إنَّ الصُحْبة أَوَلُ مقامات الطريق. فهي مفتاح الوصول إلى الحقائق التي تسري من الصَّاحِب إلى الَمصْحُوب. فالرفيق قبل الطريق كَمَا قِيل و مع من تَكُون بِحَالِهِ تَكُون. فلا تُصَاحب منْ لاَ يَنْهَضُكَ حَالُه و يَدُلك على الله مقَالُه لأن جالس العطار،لا شكَ في ذلك، طَاب بِطِيبه. قال عليه الصلاة و السلام ” إِنما مَثَل الجَلِيس الصالح وجليس السُّوء: كَحَامل المِسْكِ ونَافِخ الكِير…”. و بالجُمْلة، فإن أهل الله الأخيار و الصُحبة الصَّالحة أخْلاقُهم سُنِّيَةٌ و أحْوالُهم نَبَوية. و هذه الأحوال لا تكتسب الا بالمُصَاحَبة. فالمَرْءُ عَلَى دِين خَلِيلِه. قال الله تعالى ” هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدٗا ” (الآية).
ويضيف البلاغ “الصُحْبَة الصَّالِحَة هي نِعْمَةٌ عُظْمَى من نِعَمِ الله يَسْبَغُها على من يشاء من عباده المؤمنين. فهي كالمغناطيس تجذب اليها كل من كان هواه محمدي بالخاصية. فهي شفاء من الدَّاءِ الدَّفِين، دَاءِ العُجْبٍ و الكِبْرِياء و الرِّياء، و تُخْرِجُ الدغائن و الأحقاد و مِرْآة يَرى فِيها العبد نفسه. فعلى العبد مُصَاحبة العارفين الواصلين الُموصلين، المُخلصين، المُرَبِّين المُنِبِين إلى ربهم في كل وقت و حين الذين وُصِفُوا بأَهْل البِرِّ و التَقْوى فحالهم الذُّلِ و الإفْتِقار و الخُضُوع و الإنْكِسار لله عز و جل . قال الله تعالى ” وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ” (الآية). فَهُم لله و بالله و من الله و إلى الله و مع الله و في الله. قال الله تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ” (الآية) لِتَنْهَلُوا من صِدق حَالهم مع الله، و ِصدق تَوَجُهِم الى الله، و طَيِّب كلامهم في معرفة الله ، و عَذْب شُرَب زُلَالِهم من بحر الله و فهمهم عن الله و نُطْقِهِم بالله و حبهم لله.” وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ” (الآية).
و عليه، ففي طريق الله لا تَصْحب إلاّ من تَسْتعينُ بِه على طاعة الله و لا تَصْطَفي لنفسك إلا من تَزْداد به يقينًا كما قال قطب الأقطاب مولانا مولاي عبد السلام بن مشيش)ض(. و قد قِيل جَالسوا الكُبَرَاء و سَائِلُوا العُلَماء و خَالِطُوا الحُكَمَاء. فوالله ما أَفْلَحَ منْ أَفْلَحَ إلاَّ بِصُحْبَةِ منْ أَفْلَحً كما قال شيخ شيوخنا أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه.
و تغتنم هذه المناسبة التي تحييها الطريقة سنويا و بما تحمله من أنوار و نفحات و أسرار ، لتدعو الله سبحانه و تعالى أن يحفظ أمير المؤمنين و سبط الرسول الأمين جلالة الملك سيدي محمد السادس و ينصره نصرا عزيزا مؤيدا، و يحفظه في ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن و يشد أزره بصنوه المولى الرشيد و بسائر الأسرة الملكية الشريفة و أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاءا رخاءا إنه سميع مجيب.
تعليقات
0