هشام قاسمي يكتب : بني بوفراح أو كما أسميها “البلدة السعيدة”

هشام قاسمي – استاذ مادة اللغة الانجليزية بالتعليم الثانوي التأهيلي

احدثكم اليوم عن اول تعيين 2013: بني بوفراح او كما اسميها البلدة السعيدة

بني بوفراح..

كالطفلة النائمة بين أحضان ابيها استقرت بني بوفراح في سفج جبال منطقة صنهاجة ( الريف). قرية صغيرة وهادئة لايعكر صفو هدوئها الا السوق الاسبوعي الذي يقام كل خميس حيث يحج له الناس من المناطق المجاورة لشراء ما يلزمهم من زيت وخضر ولحم…. الخ فهو سوق قروي يوفر ما يلزم للبقاء فقط كما يجد فيه الفلاحين لوازم الفلاحة. بنهاية السوق تعود القرية الى صمتها وهدوئها الرهيب.

بني بوفراح استوطنت بين الجبال والبحر وبذلك جمعت الحسنيين: جو جميل وحرارة متوسطة. كما انها بهذا الموقع حافظت على عزلتها كالكنز المدفون. فلن تجد في بني بوفراح اجنبيا او وجوها جديدا بل نفس الساكنة يكررون دورة الحياة التي تبتدأ بالعمل في الحقول صباحا واللقاء في المقهى عصرا. لذلك لا تتعجب ان رأيت عددا كبيرا من المقاهي مقارنة بحجم بني بوفراح الدي لايتجاوز كيلومترين او ثلاثة طولا.
تعددت المقاهي وتنوع تخصصها فهناك مقهى الاساتدة ومقهى متابعة كرة القدم ومقهى الشيوخ وكبار السن ومقهى خاص بالمدخنين اختصاصي الغليون ( السبتي) ولايجب ابدا الخلط بين هؤلاء فلكل مكان مقام. هي حدود غير مرسومة لكن الجميع يعترف بها فهي تحفظ خصوصية وهيبة كل فئة على حذة.

ساكنة بني بوفراح او البوفراحيين بدو يتحدثون العربية في منطقة ريفية. حدثني بعض الناس ان اصولهم تعود الى الاندلس لذلك لم يتحدثوا الريفية كباقي سكان الريف لكن هذاا لاينفي انتمائهم لمنطقة الريف. الطبيعة الريفية والجبلية للمنظقة جعلت اندماجهم مع الاجانب صعب وبطيء. فهم بطبيعتهم اناس متحفظون وكتومين يراقبونك بأعينهم لكن ابدا لن يفاتحك احدهم يوما في حوار او اي شكل من اشكال التواصل. الاندماج معهم يتطلب وقتا حتى تكسب ثقتهم. معدنهم اصيل وفكرهم بسيط كبساطة القرية. حالما تكسب ثقتهم يقبلون عليك بعفوية تجد الصغير والكبير يحدثك، بل ويسألك عن كل صغيرة وكبيرة.

البوفراحيين مجتمع محافظ لذلك فهيمنة الرجل واضحة وجلية. قلما تجد امرأة لوحدها وحتى ان خرجت فستكون مع محرم متوجهة لغرض يستوجب حضورها. اما خارج المركز village فالمرأة تقضي يومها في الحقل الدي غالبا يلتصق بالبيت. ففي الريف تتحمل المرأة مسؤولية البيت وتساعد الرجل في الفلاحة. والحقيقة انها توفقت في المحافظة على البيت نقيا نظيفا. تراه بسيطا من الخارج لكن تنبهر بأناقته وجماله حالما تلجه.

الهندسة البوفراحية ايضا تعكس الطابع المحافظ للساكنة. فلبيت بابان متقابلان. الاول يخص الاسرة والثاني يخص الضيف. باب الضيف مفتوح على غرفة طويلة تضم احسن الافرشة ومكان مجهز للوضوء يلتصق به مرحاض. كل هذا من أجل ان لايدخل الضيف البيت او يصادف نسائه. احترام البوفراحيين للنساء يتضح في كل مناحي الحياة فمثلا اذا كنت برفقة زوجتك سيعطيك الناس اولوية المرور كما ان بعضهم لن يقرئك السلام.

يتبع

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 14:42

المندوبية السامية للتخطيط تُعلن انتهاء مرحلة تجميع المعطيات للإحصاء العام للسكان والسكنى 2024

الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 10:39

المحكمة الابتدائية بتطوان تدين 52 شخصا على خلفية “أحداث 15 شتنبر”

الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 08:17

أمن الكركرات يحبط عملية للتهريب الدولي لشحنة من الكوكايين

الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 - 14:55

انقلاب حافلة يرسل 54 شخصا إلى مستعجلات فاس