في مداخلة له أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أمس الأربعاء 16 يوليوز، أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، أن الحكومة وأغلبيتها لا تسعيان إلى بسط النفوذ أو فرض الوصاية على أي مؤسسة دستورية، بما في ذلك المجلس الوطني للصحافة. موضحا أن مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس لم يكن ضمن أولويات الحكومة، بل جاء كضرورة لمعالجة فراغ قانوني هدد استمرار المؤسسة، وذلك بناءً على توصيات لجنة مؤقتة عملت لمدة تسعة أشهر.
وأشار بنسعيد إلى أن النص المعروض ليس نهائيًا، بل يظل مفتوحًا للنقاش والتعديل، مشددًا على أن التجربة السابقة أبانت عن اختلالات عديدة تستدعي إعادة هيكلة المجلس على أسس أكثر نضجًا وتوازنًا. كما نفى أن يكون القانون موجهًا ضد جهة أو فئة بعينها في المجال الإعلامي، مؤكدًا أنه يهدف إلى مواكبة مرحلة جديدة في قطاع لا يزال في طور البناء والتقنين، خلافًا لمهن أخرى مثل المحاماة التي راكمت تقاليد مؤسساتية راسخة.
وفي رده على انتقادات بعض النواب، أكد الوزير أن المشروع يروم تعزيز استقلالية الصحافة وترسيخ التعددية والشفافية، معتبرًا أن أي حديث عن رغبة في السيطرة على المجلس أو التضييق على حرية التعبير هو أمر غير واقعي في ظل التحولات الرقمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم.
كما أوضح أن المشروع يعتمد منهجًا مزدوجًا في تشكيل المجلس، يجمع بين الانتخاب والانتداب، بهدف عكس التنوع الكبير في المشهد الإعلامي الوطني، وهو خيار معمول به في عدد من التجارب الديمقراطية التي لا تعتمد بالضرورة على الانتخابات وحدها في تشكيل المؤسسات التنظيمية.
وأضاف أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل تكتفي بتنفيذ خلاصات اللجنة المؤقتة، وأن التجربة وحدها كفيلة بتقييم مدى فعالية النموذج الجديد، مع التأكيد على انفتاح الحكومة على مختلف الملاحظات والمقترحات الرامية إلى تحسين النص ومعالجة ثغرات التجربة السابقة.
في المقابل، عبّر عدد من نواب المعارضة عن قلقهم من التغييرات التي طالت تركيبة المجلس، خصوصًا ما يتعلق باعتماد صيغة مختلطة في اختيار الأعضاء، وهو ما اعتبروه تهديدًا لآليات التمثيل الديمقراطي، واحتمالًا لترجيح كفة فئات معينة، على حساب صحفيي الجهات أو العاملين بوكالة الأنباء.
كما اعتبروا أن حصر تمثيلية الناشرين في التعيين يطرح إشكاليات تتعلق بالعدالة التمثيلية، وقد يُمكّن أقلية من التأثير في قرارات المجلس. وأثاروا كذلك مسألة التوازن داخل التشكيلة الجديدة، مطالبين بضمان حضور نسائي قوي من خلال تخصيص حصة للنساء، كما تساءلوا عن خلفيات إبعاد هيئات كهيئة المحامين وتعويضها بقضاة أو ممثلي مؤسسات أخرى.
ورغم هذه التحفظات، دعا بعض النواب إلى النظر للمشروع بروح إيجابية، مؤكدين أن الرغبة الحكومية في تطوير عمل المجلس يجب أن تُستثمر لبناء مؤسسة قوية، تحمي حرية الصحافة، وتعزز استقلالية المهنة، وتخدم مصالح المجتمع والديمقراطية المغربية.