فتحت النيابة العامة بمدينة طنجة تحقيقًا قضائيًا إثر توصلها بشكاية تتهم مهنيين في قطاع سيارات الأجرة بالتورط في تزوير وثيقة غير رسمية واستعمالها لفرض زيادة غير قانونية في تسعيرة النقل الحضري. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الجدل حول مشروعية الزيادة التي رفعت الحد الأدنى لتعريفة الرحلة من خمسة إلى سبعة دراهم، دون سند قانوني صادر عن الجهات المختصة.
وتعود بداية القضية إلى منتصف يوليوز الماضي، حين تقدمت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بشكاية مباشرة إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، مطالبة بفتح تحقيق حول ما وصفته بـ”وثيقة مزورة منسوبة زورا إلى جهات تنظيمية”، جرى استخدامها لفرض تسعيرة جديدة رفعت الحد الأدنى لثمن الرحلة داخل المدار الحضري من خمسة إلى سبعة دراهم، دون أن يصدر بذلك أي قرار رسمي عن السلطات المختصة.
حيث تستند الشكاية إلى مقتضيات القانون الجنائي المغربي، خاصة الفصول 346 و347 و380 و540، هذا، وقد تُكيف الأفعال موضوع الشكاية كجرائم تزوير في محرر رسمي، واستعماله بسوء نية، بالإضافة إلى انتحال صفة والنصب.
وأكدت مصادر متطابقة أن المصلحة الولائية للشرطة القضائية استمعت خلال الأيام الأخيرة إلى مجموعة من السائقين الذين شرعوا في تطبيق الزيادة، كما استمعت أيضاً إلى ممثلين عن الرابطة، في إطار التحقيقات الأولية التي تهدف إلى معرفة ظروف وخلفيات إعداد وتداول هذه الوثيقة، وتحديد الأطراف التي نسبت إصدارها إلى جهات رسمية.
هذا، وأوضح حسن الحداد، رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، في تصريح له أن الوثيقة المعنية “لا تستند إلى أي قرار صادر عن ولاية الجهة، ولا إلى محضر رسمي للجنة النقل الإقليمية، مما يجعلها غير ذات قيمة قانونية”، مضيفاً أن فرض التسعيرة الجديدة يشكل تجاوزاً للإطار التنظيمي المعتمد.
وأشار الحداد إلى أن الرابطة قدّمت خلال الاستماع إليها من طرف الضابطة القضائية، مجموعة من المعطيات الدقيقة التي تُثبت أن الوثيقة تم إعدادها بشكل أحادي، وتم الترويج لها على أنها قرار إداري ملزم، وهو ما اعتبرته الرابطة تضليلاً للرأي العام، وخرقاً لمبدأ الشرعية، واستغلالاً لغياب التوضيح الرسمي من الجهات المختصة.
كما شدد المتحدث على أن الرابطة لا تستهدف السائقين أنفسهم، بل تطالب بالكشف عن المسؤوليات وترتيب الجزاءات في حال ثبت وقوع تزوير أو تحايل، مذكراً بأن تعديل تسعيرة سيارات الأجرة يدخل ضمن اختصاصات الوالي أو العامل، ولا يتم إلا بناء على محضر رسمي تصدره لجنة النقل الإقليمية، وبقرار صريح ومعلَن من طرف السلطات الولائية.
ورغم تصاعد الجدل بخصوص التسعيرة الجديدة، لم تصدر ولاية جهة طنجة – تطوان – الحسيمة إلى حدود الساعة أي توضيح رسمي يؤكد أو ينفي مراجعة الأسعار، وهو ما زاد من ارتباك المواطنين بين متمسكين بالتسعيرة القديمة، وآخرين اعتبروا الزيادة أمراً واقعاً.
ويُنتظر أن تكشف التحقيقات الجارية عن ملابسات إعداد وتعميم الوثيقة، في ظل مطالب الرابطة بضمان الحق في خدمات نقل منصفة، وحماية ثقة المواطن في المؤسسات والمساطر القانونية المنظمة للقطاع.