يشهد عدد من شواطئ مدينة طنجة، منذ أيام، انتشارًا ملحوظًا لقناديل البحر، ما أثار انزعاجًا وارتباكًا في صفوف المصطافين، خصوصًا بعد تكرار حالات اللسع في المناطق الضحلة، في ظل غياب تام لأي إشارات تحذيرية أو تعليمات وقائية في أماكن السباحة.
حيث يُسجل هذا التكاثر بشكل خاص على الشريط الساحلي الشرقي للمدينة، إذ رُصدت أعداد كبيرة من قناديل البحر على مستوى الشاطئ البلدي، وشاطئ الغندوري، ومرقالة، وهي تطفو على سطح البحر أو تنتشر على الرمال، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في الإقبال على السباحة، رغم استمرار الاكتظاظ على اليابسة.
وتشير الملاحظات الميدانية إلى أن القناديل المنتشرة تنتمي إلى نوع Pelagia noctiluca، المعروف محليًا باسم “الشفشوفة”، وهو من الأنواع الشائعة في البحر الأبيض المتوسط، وتتميز لسعاته بتأثير جلدي متوسط قد يسبب التهابات أو حروقا سطحية، خاصة لدى الأطفال وأصحاب البشرة الحساسة.
وحسب خبراء في علوم الأحياء البحرية، فإن ظهور هذا النوع يرتبط غالبًا باختلالات في التوازن الإيكولوجي، وتغيرات في حركة المياه السطحية، إلى جانب ارتفاع حرارة البحر، وتراجع أعداد الكائنات المفترسة الطبيعية مثل السلاحف البحرية والأسماك الهلامية الكبيرة. كما أن تفريغ النفايات العضوية في المياه الساحلية يوفر بيئة مغذية لتكاثره.
وقد تدخلت مصالح الوقاية المدنية بشاطئ مرقالة لإسعاف مصطافين تعرضوا للسعات بدرجات متفاوتة، دون تسجيل إصابات خطيرة أو الحاجة إلى نقل الضحايا إلى المستشفى. واقتصرت الإسعافات على استعمال كمادات باردة ومراهم مهدئة، بينما فضّلت بعض العائلات منع أطفالها من العودة إلى المياه رغم الحرارة المرتفعة.
هذا، ويكشف الوضع عن غياب أي بروتوكول محلي للرصد البيولوجي البحري أو خطة استباقية للتعامل مع ظهور الكائنات البحرية غير المرغوب فيها، ما يؤدي إلى ارتباك جماعي كلما تكررت مثل هذه الظواهر، في ظل ضعف التفاعل والتفسير من الجهات المسؤولة.
ويُذكر أن ظهور قناديل البحر يتزامن مع مرحلة من دورتها الحياتية تُعرف باسم “الميدوزا”، حيث تنفصل عن قاعدتها في قاع البحر وتصبح طافية بفعل التيارات البحرية والرياح، ويُعد هذا الطور نشطًا في فصل الصيف، خاصة في خليج طنجة، الذي تتوفر فيه الظروف المناخية الملائمة لتكاثرها.
وتُشير التقديرات إلى احتمال استمرار وجود هذه القناديل لعدة أيام قادمة، ما لم تتغير حركة التيارات البحرية أو تنخفض درجات الحرارة، وهو ما يبقي الوضع في حالة تأهب غير معلن، ويؤكد الحاجة إلى إدماج اليقظة البيئية ضمن استراتيجيات تدبير الشواطئ، خاصة في مدينة تعتبر السياحة الصيفية رافعة اقتصادية محورية.