تتواصل التحذيرات الدولية من تفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة، في وقت تشهد فيه المناطق المحاصرة مستويات غير مسبوقة من الجوع وسوء التغذية، وسط تزايد حالات الوفاة وانهيار كامل في سلاسل الإمداد الغذائي، ما يهدد حياة مئات الآلاف من السكان.
وفي وقت لم تُعلن فيه الأمم المتحدة بعد غزة “منطقة مجاعة” بشكل رسمي، أكدت المعطيات الميدانية والتقارير الحقوقية إلى أن الوضع تجاوز بالفعل الخطوط الحمراء. وتشير أرقام حديثة صادرة عن وكالات أممية ومصادر طبية في القطاع إلى أن أكثر من 650 ألف طفل يواجهون خطر الموت جوعاً، في حين ارتفع عدد الوفيات بسبب التجويع إلى أكثر من 620 شخصاً، بينهم 70 منذ بداية يونيو الماضي فقط.
ووفقاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن إسرائيل تتعمد تجويع المدنيين، بمن فيهم مليون طفل يعاني كثير منهم من سوء التغذية الحاد. كما أوضحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 112 طفلاً يُنقلون يومياً إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد والهزال الشديد.
وأفادت مصادر طبية وسكان محليون بظهور حالات إغماء جماعي في الشوارع، بسبب الجوع ونقص المياه الصالحة للشرب، في ظل انهيار كامل للبنية التحتية الصحية والبيئية.
حيث أدى الحصار الإسرائيلي المستمر، الذي تصاعد حدته عقب خرق اتفاق وقف إطلاق النار في مارس الماضي، في تفاقم الكارثة الإنسانية، إذ تم فرض قيود شبه كاملة على دخول المساعدات الغذائية والطبية، وفي ماي، تولّت ما تسمى “مؤسسة غزة الإنسانية” الأميركية مهام إدارة توزيع المساعدات، إلا أن هذه المرحلة شهدت تصعيداً خطيراً، شمل استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط التوزيع، مما أسفر عن استشهاد نحو ألف فلسطيني وإصابة آلاف آخرين.
رغم تأكيد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن “كل سكان غزة على حافة المجاعة” واعتبار القطاع “المنطقة الأكثر جوعاً على وجه الأرض”، لا تزال الأمم المتحدة تتجنب إعلان الحالة رسمياً. ويرجع مراقبون هذا التأخر إلى منع الاحتلال الإسرائيلي لعمل وكالات الأمم المتحدة في القطاع، إلى جانب تعقيدات تقنية تتعلق بالشروط المعتمدة لإعلان المجاعة وفق التصنيف الأممي.
وفي هذا السياق، انتقد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، صلاح عبد العاطي، تأخر الإعلان، معتبراً أن كل المؤشرات والمعايير المعتمدة وفق النظام الأممي قد تحققت، بما في ذلك بلوغ غزة المرحلة الخامسة من الجوع – وهي المرحلة المعروفة بـ”الجوع الكارثي” وتليها المجاعة الكاملة.
هذا، ويزداد الضغط على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لاعتبار غزة منطقة منكوبة بالمجاعة، في محاولة لدفع نحو تدخل عاجل وفتح المعابر لإيصال المساعدات، قبل أن تتفاقم الكارثة بشكل لا يمكن احتواؤه.