يعاني العديد من أبناء الجيل الثاني للمهاجرين المغاربة في إسبانيا من مشاعر العزلة والتمييز، رغم أنهم ولدوا ونشأوا في البلاد. أحد هؤلاء الشاب صلاح (24 عامًا) من مدينة توري باتشيكو، يروي (وفق جريدة الباييس) كيف شعر بالغربة منذ طفولته، عندما كان الوحيد في صفه الذي لم يُدعَ إلى حفلات أعياد الميلاد. يقول: “في نظرهم، ما زلنا غرباء، وكأننا لا ننتمي إلى هنا رغم أن هذه الأرض هي وطننا الوحيد”.
هذه المشاعر ليست معزولة، بل تعكس واقعًا يعيشه الكثير من الشباب من أصل مغربي في إسبانيا، حيث يواجهون صعوبات في القبول الكامل من قبل المجتمع، رغم أنهم يتحدثون اللغة الإسبانية بطلاقة ويدينون بالولاء للبلاد. في بعض الحالات، يصل الأمر إلى تعرضهم لمواقف عنصرية أو استهداف من قبل مجموعات متطرفة.
التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي حول هذه القضية تكشف عن انقسام في الرأي العام. فبينما يرى بعض الإسبان أن المشكلة تكمن في “عدم رغبة المغاربة في الاندماج”، وصفًا سلوكياتهم بـ”الهمجية” في تعليقات مليئة بالكراهية، يذهب آخرون إلى المطالبة بترحيل كل من يرتكب مخالفات، حتى لو كان من الحاصلين على الإقامة القانونية.
من جهة أخرى، هناك من يشكك في وجود المشكلة من الأساس، معتبرين أن الحديث عن التمييز “مبالغ فيه” أو “تلاعب إعلامي”. إلا أن الوقائع على الأرض تثبت أن العديد من أبناء المهاجرين المغاربة، خاصة في الأحياء الفقيرة، يعانون من نقص الفرص وصعوبة الانخراط في سوق العمل أو التعليم العالي، مما يزيد من شعورهم بالإقصاء.
في المقابل، يبرز أيضًا أصوات تدعو إلى فهم أعمق لأسباب هذه الأزمة، مؤكدة أن الاندماج الحقيقي يتطلب جهودًا من الطرفين: تقبل المجتمع الإسباني للتنوع الثقافي، والتزام المهاجرين وأبنائهم بقيم البلاد التي يعيشون فيها.
القضية تطرح تساؤلات كبيرة عن مستقبل التعايش في إسبانيا، خاصة في ظل تزايد أعداد المواطنين من أصول مغربية. الحل لا يكمن في الترحيل أو خطاب الكراهية، بل في سياسات اندماج عادلة تعترف بالحقوق وتفرض الواجبات، وتضمن أن يكون الانتماء للوطن الجديد قائمًا على الاحترام المتبادل.