EN FR
القائمة

“جيل الضباع” وانفلات القيم.. نبوءة جسوس تنكشف على إيقاع “موسيقى الواي واي الجزائرية” في مناسبة دينية بطنجة

Author Avatar

maroc7

الأربعاء 2 أبريل 2025 - 17:56

المغرب7 –  هيئة التحرير

“إنهم يريدون خلق أجيال جديدة من الضباع”، بهذه الكلمات حذر عالم الاجتماع الراحل محمد جسوس من الانحدار الأخلاقي الذي يهدد نسيجنا المجتمعي. اليوم، تأتي أحداث طنجة خلال أيام عيد الفطر لتؤكد دقة هذه النبوءة بأبشع الصور. 

في مشهد صادم، تحولت أزقة بني مكادة بطنجة  إلى ما يشبه نوادي ليلية مفتوحة. موسيقى صاخبة تملأ الأجواء، كلمات ساقطة تتردد على ألسنة أطفال لم يبلغوا سن الرشد، وفضاءات عامة تتحول إلى ساحات للانحلال. المشهد لم يكن مجرد خروج عن روحانية العيد، بل تجسيداً حياً لتحذيرات جسوس عن “أجيال الضباع” التي تفتقد للبوصلة الأخلاقية. 

في سياق الموضوع قال الفاعل الحقوقي، أحمد العمراني، إن “بعض التجمعات الموسيقية بطنجة استغلت أيام عيد الفطر المباركة وخالفت القانون سواء من حيث تحريض الأطفال الحاضرين على السلوكات المشينة أو التحريض ضد احترام القانون. هذه انتهاكات جسيمة في حق الأطفال بهذه الأحياء بطنجة. والأمر يستدعي كل الجهات المسؤولة منها رئاسة النيابة العامة وولاية طنجة للبحث والتقصي في هذه التجمعات التي استغلت الفضاءات العمومية لبث السلوكات المشينة والتحريضية لأطفال أقل من 15 سنة.” 

من جهته صرح عبد المغيث مرون عضو المجلس الوطني للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان موضحا أن
“ما حدث يوم عيد الفطر ببعض أحياء مدينة طنجة من مظاهر احتفالية ماجنة وموسيقى صاخبة وكلمات ساقطة، لا يمكن إلا أن نعتبرها نكسة أخلاقية وتطبيع مع الانحراف والفساد، واستهداف مباشر للقيم الدينية والأخلاقية التي تعكس الهوية المغربية الأصيلة. مناظر ومشاهد مقززة تداولت على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، خلفت ردود فعل تندد وتستنكر هذه المشاهد التي ظهر فيها أطفال قاصرين (ذكور وإناث) يرددون تلك الأغاني الساقطة التي في الغالب لا يدرون معناها ولا مغزاها.”

وأضاف المتحدث “في المقابل هناك تساهل السلطات مع هذه الانحرافات الفكرية والسلوكية الضارة بالفرد والأسرة والمجتمع، وهو إخلال بالحياء العام. كل المخالفات المذكورة سلفاً يعاقب عليها القانون ويقر عقوبات بحق من يقترفها، حيث ينص الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي على أن ‘من ارتكب إخلالاً علنياً بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم’. هذا التطبيع ساهمت فيه بشكل كبير قنوات متعددة، أبرزها الإعلام والتعليم والمنظومة الثقافية التي تدعم الطرح الغربي لمفهوم الحرية، الذي يلغي كل القيود الدينية والأخلاقية أمام الرغبات والشهوات الفردية. فيجب الحيطة والحذر.”

لكن الأكثر غرابة وإثارة للقلق كان رد الفعل العدائي الذي واجهت به الصحافة عند تسليطها الضوء على هذه الظاهرة. حيث تعرض الصحفيون لهجوم شرس من قبل من يسمون أنفسهم “فنانين”، في سابقة خطيرة تكرس ثقافة الإفلات من المحاسبة ومحاولة لفرض أمر الواقع، حيث عمد صاحب الأغنية لنشر قصص عبر صفحته الشخصية يهاجم فيها وسائل الإعلام التي نقلت الواقعة معبرا بكلمات ساقطة، بينما يبقى هل حصل هؤلاء على ترخيص بإقامة حفل بهذا المستوى وسط الأطفال.

اليوم، ونحن نواجه هذه الأزمة الأخلاقية، نجد أنفسنا أمام سؤال جسوس الذي يتردد بقوة: إلى أي مدى سنسمح بانتشار “الضباع” في مجتمعنا؟ الوضع يتطلب أكثر من استنكار، بل خطة عمل شاملة تبدأ بإعادة الاعتبار لدور الأسرة والمدرسة، وتفعيل القانون بحزم، وحماية الصحافة التي تدفع ثمناً باهظاً لمحاولتها كشف الانحرافات ونبقى الان بين خيارات فإما أن نتعلم من تحذيرات جسوس، وإما أن نستسلم لنبوءته المرعبة عن مجتمع من الضباع بلا قيم ولا أخلاق. الخيار الآن بين أيدينا.

تجدر الإشارة أن أغاني “الواي واي” ظهرت في الجزائر خلال السنوات الأخيرة قبل أن تنتقل إلى المغرب لكنها سرعان ما أثارت عاصفة من الجدل بسبب احتوائها على ألفاظ نابية ومواضيع حساسة تمس القيم المجتمعية التقليدية انتقدها معارضين محذرين من تأثيرها السلبي على الأخلاقيات العامة وخاصة على الشباب والمراهقين الذين يقلدون فنانيها دون وعي كامل بمضامين كلماتها، لتصبح هذه الظاهرة أكثر من مجرد موسيقى، بل حركة ثقافية واجتماعية تعكس التحولات العميقة في المجتمعات المغاربية، وتطرح أسئلة جوهرية حول حدود حرية التعبير الفني ومسؤولية الفنانون تجاه مجتمعاتهم، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى موازنة دقيقة بين الإبداع الفني والحفاظ على الهوية الثقافية.

أضف تعليقك

الأحرف المتبقية - 1000/1000

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية ، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم .