فقدت مدينة سبتة والمجتمع المغربي-الإسباني أحد أبرز وجوهه، أحمد الزبير، الذي كان رمزًا للنضال من أجل حقوق المسلمين في سبتة، وجسرًا للتفاهم بين المغرب وإسبانيا. برحيله، تنتهي مرحلة حافلة بالكفاح من أجل تعزيز التعايش، لكنه يترك إرثًا غنيًا بالقيم والرسائل التي ستظل خالدة في أذهان الأجيال القادمة.
في ثمانينيات القرن الماضي، عندما واجه آلاف المسلمين في سبتة ومليلية خطر فقدان حقوقهم بسبب قانون الأجانب، كان أحمد الزبير في طليعة النضال من أجل انتزاع الاعتراف بمواطنتهم الإسبانية. إلى جانب شخصيات بارزة مثل عمر دودو، قاد حركة حقوقية ناجحة أسفرت عن حصول هؤلاء السكان على الجنسية الإسبانية، ما عزز مكانتهم كمواطنين كاملي الحقوق.
لم ينظر أحمد الزبير يومًا إلى سبتة على أنها نقطة خلاف بين المغرب وإسبانيا، بل رآها مساحة للتلاقح الثقافي والتعاون. كان فخورًا بهويته المزدوجة كمغربي وإسباني، وسعى دائمًا إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، مؤمنًا بأن المصير المشترك يفرض على الطرفين التعاون والعمل المشترك لتحقيق الاستقرار والازدهار.
هذا، وكان أحمد الزبير يكن احترامًا كبيرًا للملكية المغربية، وكان دائم الإشادة بحكمة الملك الراحل الحسن الثاني، كما عبّر عن تقديره للملك محمد السادس وسياسته في تعزيز العلاقات المغربية-الإسبانية. لم يكن هذا الاحترام مجرد موقف سياسي، بل كان يعكس قناعته الراسخة بأهمية القيادة الرشيدة في تحقيق الاستقرار والتفاهم بين الشعوب.
برحيل أحمد الزبير، يفقد العالم العربي والإسباني شخصية فريدة كرّست حياتها لنشر قيم الاحترام المتبادل والتعايش السلمي. غير أن أفكاره ورؤيته ستبقى مصدر إلهام لكل من يسعى إلى بناء جسور بين الثقافات وتعزيز قيم الحوار والاندماج.
لقد كان أحمد الزبير أكثر من مجرد ناشط سياسي؛ كان رمزًا للوحدة ورسولًا للتسامح، وسيظل اسمه محفورًا في تاريخ سبتة والمغرب وإسبانيا كأحد المدافعين الأشداء عن الكرامة والعدالة.