وصال العجوري
تعتبر امتحانات البكالوريا محطة مهمة وفترة حاسمة في حياة الطلاب، هي أيام معدودات تحدد للممتحن مصيره للأعوام المقبلة، ولحظة فاصلة تجمع بين حصيلة سنوات من الجد، المثابرة والتفاني في التحضير. حيث تتسم هذه الفترة بالضغط الذي يواجهه الطالب خلال فترة التحضير للإمتحان، بما في ذلك ضغط الأهل، المدرسة، والقلق بشأن المستقبل الأكاديمي والمهني. مما يمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى تفكير الطالب في الانتحار. ويمكن القول أنه في السنوات الأخيرة لوحظ زيادة في حالات الانتحار بين الطلاب خلال هذه الفترة.
حيث تعكس تجارب تلاميذ مدن آسفي وتطوان الحاجة الملحة لتوفير دعم إضافي في صورة مساعدين اجتماعيين يتواجدون إجباريا، وعلى الدوام في الثانويات في ظل الضغوط النفسية الكبيرة التي يعاني منها التلاميذ بداية من العام الدراسي إلى فترة التحضير لهذا الإستحقاق الكبير. نبدأ بحادثة مدينة أسفي التي عاشت، زوال الاثنين المنصرم 10 يونيو، على وقع عملية انتحار فتاة في مقتبل العمر، بعدما رمت نفسها من أعلى جرف أموني، بكورنيش المدينة، وحسب ما نقلته تقارير محلية، فإنّ التلميذة التي أقدمت على الانتحار والتي تبلغ من العمر 17 سنة، كانت تدرس بثانوية الحسن الثاني بآسفي، وألقت بنفسها من أعلى الكورنيش، واضعة حدا لحياتها بعد ارتطامها بالصخور، حيث أرجعت بعض التقارير أن أسباب الانتحار تعود إلى طردها من قاعة الامتحانات الإشهادية الخاصة بشهادة البكالوريا، بعدما تم تحرير محضر غش في حقها من قبل لجنة المراقبة.
من أسفي ننتقل إلى تطوان التي اهتزت أول أمس الثلاثاء، على وقع حادثة انتحار تلميذة، بعدما أقدمت على وضع حد لحياتها برمي نفسها من الطابق الخامس لمنزل عائلتها الكائن بشارع تدغين بحي “طنجاوة”، حيث رجحت مصادر إعلامية، أن يكون سبب انتحار الشابة راجع إلى توصلها بخبر حصولها على نقاط متدنية في امتحانات الجذع المشترك الأولى ثانوي، ما دفعها إلى وضع حد لحياتها بهذه الطريقة المأساوية.
هي حوادث دقّت ناقوس الخطر وأثارت قلقاً عميقاً بشأن صحة الطلاب النفسية والاجتماعية في بيئة التعلم، مما دفع إلى إعادة التفكير في ضرورة تواجد دعم نفسي واجتماعي يصاحب التلاميذ في المدارس، حيث يمكن للمساعدين الاجتماعيين أن يلعبوا دورا فعالا في حياة التلاميذ في أن يكونوا عوناً للطلاب من خلال تقديم الدعم العاطفي والنفسي، وتوجيههم نحو خدمات الدعم النفسي والاجتماعي المتاحة. كما يمكن لهؤلاء المساعدين أن يعملوا على تشجيع الثقافة الصحية النفسية في المدرسة، وتوفير برامج توعية حول أهمية التعامل مع الضغوطات بشكل صحيح وفعّال.
فوجود المساعدين الاجتماعيين في المدارس ضروري ليس فقط من أجل توفير الدعم والإرشاد لطالب البكالوريا، بل إلى جميع التلاميذ الذين يكونون في أمس الحاجة إلى شخص يتحدثون إليه بثقة في المدرسة، شخص يستطيع مساعدتهم في التعامل مع المشاكل الشخصية والأسرية التي يواجهونها، فالمساعد الاجتماعي في المدرسة قد يكون الشخص الذي يحتاج إليه التلميذ ليشعر بالأمان والاستقرار، فقد يكون لهذا الدعم الإضافي تأثير إيجابي في تعزيز الصحة النفسية والعامة للطلاب، وتحسين بيئة التعلم والتفاعل الاجتماعي داخل المدارس.
ختاما، تجدر الإشارة أنه ولحل هذه المشكلة وجب التعاون المشترك بين جميع الجهات المعنية، بما في ذلك المدارس والأسر والمؤسسات الصحية والمجتمع المدني، من خلال توفير بيئة داعمة ومحفزة للشباب بغية تقليل حالات الانتحار وتعزيز الصحة النفسية والعامة للطلاب.